زيارة اربعين الحسين وكربلاء غزة

الاشراق | متابعة.

يعود تاريخ زيارة الاربعين الى قرون مديدة، وسميت بالأربعين نسبة الى مرور أربعين يوما من استشهاد الإمام الحسين (ع) في العاشر من المحرم سنة 61 للهجرة، حتى زيارة  الصحابي الجليل جابر الأنصاري، الذي يعتبر  أول زائر لقبر الإمام الحسين (ع) من الناس،  في العشرين من صفر، ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم يحرص المسلمون ، وخاصة الشيعة، على السير من مختلف انحاء العراق والدول المجاورة مشيا على الاقدام الى كربلاء حيث ضريح الحسين الشهيد، في ممارسة رمزية تؤكد على التمسك بنهج الحسين، القائم على نصرة المظلومين والوقوف في وجه الظالمين.

بمرور الزمن تحولت زيارة الاربعين الى اكبر تجمع بشري على وجه البسيطة، حيث يتجاوز عدد المشاركين فيه من العراق وخارجه اكثر من 20 مليون انسان، يمثلون مختلف المذاهب والاديان والاعراق، يجمعهم حب الحسين ونهجه وصبره وشجاعته وتضحياته التي تجاوزت حتى الملاحم التاريخية، فتحولت كربلاء الى مدرسة والحسين الى قدوة وزيارة الاربعين الى رمز للاصرار على الثبات والتمسك بمبادىء ثورة كربلاء.

وتعد زيارة الأربعين تجمعا إنسانيا وعالميا يتجاوز الطابع الديني، ويشكّل حدثا اجتماعيا غير مسبوقٍ في العالم لما تجمعه الزيارة من دلالات على المستوى التربوي والعقائدي والسياسي والإعلامي والثقافي، لاسيما في الوقت الذي نظرا تعيش الامة الاسلامية اليوم في اكثر مراحل تاريخها ضعفا وهوانا، بسبب ما يجري في غزة من ابادة جماعية، على يد قوات الاحتلال الاسرائيلي، وبتواطؤ امريكي صارخ وصمت عربي فاضح. فكان لابد من استنهاض همم الشعوب الاسلامية للوقوف في وجه الطغيان الامريكي الاسرائيلي، لذلك لم يكن هناك من سبيل الا سبيل الربط بين إرث ثورة الإمام الحسين وقضية فلسطين ، كنموذج لمواجهة الطغيان، وبين كفاح الشعب الفلسطيني كنموذج معاصر لمواجهة طغيان والاحتلال. واليوم باتت مقولة الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه ، التي قالها ذات يوم: «إن الطريق إلى القدس يمر عبر كربلاء»، تتكرر وبشكل لافت ، لانه الطريق إلى النصر ممهد بمبادئ الاستشهاد والشجاعة والالتزام الثابت بالعدالة.

إن الملايين من الناس الذين يسيرون على طريق كربلاء ليسوا مجرد مشاركين في شعيرة دينية؛ إنهم يجسدون النهضة الحسينية بوصفها تجسد روح التضحية والعزة، وقابليتها للإلهام في القضايا العادلة الكبرى، وفي مقدمتها فلسطين، التي أصبحت محورا أساسيا في زيارة الأربعين السنوية. ففي كل زمانٍ هناك كربلاء، وفي كل زمان هناك حسين وفي كل زمان هناك يزيد، وزماننا الحالي ليس استثناء.

اقرأ المزيد .. مدرسة الإمام الحسين (ع) توحد إرادة الأمة للمواجهة الواعية مع العدو
منذ عام 2022 وعلى هامش زيارة الاربعين يعقد مؤتمرا خاصا عن القضية الفلسطينية برعاية العتبة الحسينية المقدسة، ليشكّل منصة عالمية تربط بين ثورة الإمام الحسين عليه السلام وقضية فلسطين؛ باعتبارها قضية عدالة إنسانية وحقوق لا تقبل المساومة، لاسيما في الظروف الاستثنائية التي تمر بها القضية الفلسطينية في ظل استمرار حرب الإبادة التي يرتكبها الكيان الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 22 شهرا.

قبل سنوات قليلة وصف أحد كبار القادة العسكريين الأمريكيين، مسيرة الأربعين بـ "الأفعى السوداء"، الامر الذي عكس خوف ورعب امريكا من تداعيات الزيارة على مصالحها غير الشرعية في المنطقة، لانهم يعلمون ان الزيارة تساهم في تعزيز روح الصبر والفداء والتضحية المستلهمة من النهج الحسيني، وترسخ الوعي بأن الأمة التي تؤمن بهذه القيم عصية على الهزيمة، وجديرة بتحقيق الحرية والكرامة الإنسانية لأبنائها، وهذا الامر وجد طريقه الى التطبيق عبر التضحيات التي قدمها خريجي زيارة الاربعين وثورة كربلاء، من ابناء اليمن ولبنان والعراق وفلسطين وايران ، المتمثل بمحور المقاومة الذي بات الجهة الوحيدة ليس في العالم العربي والاسلامي فحسب بل في العالم اجمع، الذي وقف ويقف امام الغطرسة والعنجهية الامريكية والوحشية الاسرائيلية، مدافعا عن المظلومين في غزة ، فمخيم حسين اليوم في غزة، وعسكر يزيد اليوم يحاصره بهدف تجويعه وتعطيشه وابادته .. فهل من ناصر؟!!..