قبل 4 ایام
عبد الباري عطوان
45 قراءة

معارضة سورية جديدة؟.. الهدف.. التوقيت.. والمستقبل

قبل يومين أعلنت 200 شخصية سورية بارزة تأسيس ما أطلقت عليه اسم “جبهة الإنقاذ السورية” بهدف توحيد جهود المعارضة، وإستعادة الشرعية، وبناء دولة ديمقراطية في سورية، والحفاظ على وحدة أراضيها.
وتصادف صدور هذا الإعلان مع اللقاء المباشر والعلني الذي انعقد في باريس بين وفد يمثل “سورية الجديدة” برئاسة أسعد الشيباني وزير الخارجية، وآخر إسرائيلي برئاسة رون ديرمر وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة بنيامين نتنياهو، ورعاية توم بّراك المبعوث الأمريكي لسورية ولبنان، والاتفاق الوحيد هو مواصلة اللقاءات ورفع مستواه وصولا الى التطبيع الكامل.
 
توقعنا ان يتضمن بيان جبهة المعارضة الجديدة “لإنقاذ سورية” التي يترأسها السيد أيمن الاصفهري الملياردير السوري الذي يقيم في لندن، وتردد اسمه بقوة بعد إسقاط “النظام” السابق للعب دور أساسي قيادي في “سورية الجديدة”، بل وجرى ترشيحه بقوة لرئاسة الوزراء بحكم خبرته الاقتصادية والسياسية كرجل أعمال قيل انه كان من أبرز ممولي “الثورة السورية”، توقعنا ان يتضمن البيان عدة نقاط رئيسية باعتباره يؤسس لمعارضة جديدة تريد استعادة الشرعية والإصلاح:
الأولى: ادانة اللقاءات التطبيعية بين النظام السوري الجديد ودولة الاحتلال الإسرائيلي باعتبارها خيانة للامتين العربية والإسلامية، وخروجا عن الإرث الوطني السوري العريق في مقاومة الاحتلال ومخططاته والوقوف في خندق مواجهته.
الثانية: ادانة الاعتداءات الإسرائيلية على “سورية الجديدة”، المهادنة له، والتأكيد على هوية الجولان العربية السورية، والمطالبة باستعادتها كاملة دون نقصان بالطرق الدبلوماسية او العسكرية، بعد ان وصلت هذه الاعتداءات المذلة الى درجة قصف القصر الجمهوري، ومقر قيادة الجيش السوري، ووزارة الدفاع.
الثالثة: فضح المشروع الأمريكي الذي اختار دعم الطائفية السياسية والدينية ويتبنى السياسة الإسرائيلية في تقسيم سورية وتفتيت وحدتها الترابية، وتحويلها الى أداة لحماية دولة الاحتلال وحدودها، والاعتراف بها، وإقامة علاقات دبلوماسية وتجارية معها.
الرابعة: تبني الدعوة للمصالحة الوطنية، ووضع دستور جديد يؤكد على المساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن طوائفهم واعراقهم، وحماية أرواحهم، وضمان الفصل بين السلطات والحد من سلطات الرئيس، واعتماد الانتخابات الحرة الشفافة، رئاسية وبرلمانية.
اي معارضة في رأينا لا تتبنى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وتحرير الجولان كاملة، والتصدي للمخططات الإسرائيلية الامريكية لنزع السلاح والسيادة عن الجنوب السوري لن تجد التأييد “المأمول” من قبل الشعب السوري.
فاذا كانت المعارضة، أي معارضة في سورية، تريد استعادة الشرعية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة والسيادة الوطنيتين، فإن الحرف الأول في ميثاقها يجب ان يكون تكريس الهوية العربية السورية، ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي وتحرير الجولان، وباقي الأراضي العربية المحتلة، والسير على نهج الفاتحين السوريين الأوائل، سواء في سورية الام، او في الاندلس.
نستغرب حالة الصمت التي تسود معظم فصائل وشخصيات وقيادات المعارضات السورية تجاه انزلاق النظام الجديد في دمشق نحو “أثم” التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وعلينا ان نتخيل كيف سيكون رد هؤلاء لو أقدم النظام السوري السابق على مثل هذه الخطوة مقابل رفع الحصار، واستعادة الجولان، وانهيال المساعدات المالية العربية والدولية.
***
نذهب الى ما هو أبعد من ذلك عندما نسأل عن الغياب الكامل والمريب لمنظمات وجماعات الإسلام السياسي والعقائدي السوري والعربي عن ادانة خطوات التطبيع “المجانية” المتسارعة من “سورية الجديدة” مع دولة الاحتلال، وتقديم التنازل بعد الآخر لها دون أي إصرار على الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي السورية المحتلة، قديمها (الجولان) وحديثها (الجنوب السوري)، ونزع السلاح والسيادة عنه، فما هي ذريعة هذا الصمت، افيدونا افادكم الله.
أمريكا خدعت معظم، ان لم يكن جميع، المنظمات والجماعات السورية المعارضة للنظام السابق، وبالتنسيق مع تركيا الدولة الحاضنة، وتخلت عنها كليا، ولم تشرك أي منها في النظام السوري الجديد، وفضلت عليها “حركة تحرير الشام” الإسلامية المتطرفة، وسلمت سورية لقيادتها وحلفائها، واللافت ان أي من هؤلاء المهمشين والمبعدين، وبعضهم يملك محطات تلفزيونية، ومنابر إعلامية خاصة وعامة تحت أمره، لم يوجه كلمة نقد واحدة لأمريكا حتى كتابة هذه السطور.
من حق جميع الجماعات السورية تشكيل جبهات معارضة في الداخل او الخارج، أيا كانت معتقداتها ومواقفها السياسية، فالوضع الراهن في سورية جاء مخيبا لأمال الكثيرين من هؤلاء، لكن المعارضة السورية الحقيقية التي نأمل صعودها وظهورها للتصدي للمشروعين الأمريكي والصهيوني الرامية الى تقسيم سورية وتفتيت الدول العربية الأخرى، وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط تحت زعامة نتنياهو قادمة حتما واسرع مما يعتقده الكثيرون في واشنطن وتل ابيب، والعديد من العواصم العربية بما فيها دمشق، فهذه سورية الحضارة والفتوحات، والقيادة والتاريخ، والمسألة مسألة وقت لا أكثر ولا أقل، فالرجال موجودون وبالملايين، وجينات العظمة والريادة والوطنية أيضا.. والأيام بيننا.

لا تتبنى الاشراق بالضرورة الاراء والتوصيفات المذكورة.

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP