تصاعد السياسة الأمريكية العدائية تجاه الأونروا..لماذا؟

ishraq

الاشراق

الاشراق | متابعة.

تواصل الولايات المتحدة، خاصة في عهد الرئيس ترامب الثاني، نهجها العدائي تجاه المؤسسات الدولية. تجلى ذلك مؤخراً بمشروع قانون جمهوري جديد في الكونغرس يهدف لفرض حظر على تمويل وكالة الأونروا، الوكالة الأممية الرئيسية للإغاثة في غزة، وذلك في وقت يواجه القطاع مجاعة غير مسبوقة.

وصوتت لجنة المخصصات بمجلس النواب (ذات الأغلبية الجمهورية) الأسبوع الماضي لصالح هذا الحظر. في حال إقراره، سيعزز الحصار المالي المفروض على الأونروا منذ العام الماضي إثر حملة ضغط إسرائيلية. سبق أن فرض الكونغرس حظراً على التمويل في مارس/آذار 2024 رداً على ادعاءات إسرائيلية بتورط موظفي الأونروا في هجمات أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويمثل المشروع الحالي تصعيداً، حيث يحظر تمويل أمانة الأمم المتحدة نفسها حتى تنشر نسخة كاملة غير محررة من تحقيق الأمم المتحدة (أغسطس/آب 2024) في تلك الادعاءات. أثار المقترح استياء مراقبين يسعون لزيادة المساعدات الإنسانية في غزة، بينما أعلنت إيطاليا استئناف تمويلها للأونروا.

لا تقتصر سياسة واشنطن على الأونروا، بل تمتد لمؤسسات ودول أخرى اتخذت مواقف ناقدة لإسرائيل أو داعمة للقضية الفلسطينية. فقد أعلن الرئيس ترامب أنه قد يتخطى حضور قمة مجموعة العشرين المقررة نوفمبر/تشرين الثاني 2025 في جنوب أفريقيا، واصفاً سياساتها بـ"السيئة للغاية"، وذلك انتقاداً لمواقفها المناهضة للاحتلال واتهامها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة. سبق أن خفضت إدارته المساعدات لجنوب أفريقيا وقاطعت اجتماعاً لوزراء خارجية المجموعة فيها، معترضةً على دعواها ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.

في يونيو/حزيران الماضي، فرض وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عقوبات على أربعة قضاة من المحكمة الجنائية الدولية، زاعماً أنهم انتهكوا سيادة الولايات المتحدة وإسرائيل. جاء ذلك بعد إصدار المحكمة مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (نوفمبر/تشرين الثاني 2024) بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، وبعد تحقيقاتها في أفغانستان شملت موظفين أمريكيين. أصدر ترامب سابقاً أمراً تنفيذياً (فبراير/شباط) يسمح بعقوبات واسعة على من يشارك في تحقيقات المحكمة ضد أمريكيين أو حلفائها، مستهدفاً أيضاً المدعي العام كريم خان، قبل أن توقف قاضية أمريكية تطبيقه مؤقتاً في يوليو/تموز.

وفي الشهر ذاته (يوليو/تموز)، فرضت واشنطن عقوبات على فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، بسبب انتقاداتها الشديدة لحرب إسرائيل على غزة. واتهمها روبيو بمحاولة "دفع المحكمة الجنائية الدولية لاتخاذ إجراءات ضد مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين". نفت ألبانيز هذه الاتهامات ووصفت العقوبات بأنها "خطيرة جداً" و"ضارة"، مؤكدةً التزامها بالعدالة. كما طالبت واشنطن الأمين العام للأمم المتحدة بإقالتها واتهمتها بـ"معاداة السامية" و"معاداة إسرائيل" – وهو ما نفته وأدانته لجنة بمجلس حقوق الإنسان.

مؤخراً، أعلنت الولايات المتحدة انسحابها من منظمة اليونسكو، مبررة ذلك بـ"انتشار خطاب معادٍ لإسرائيل" داخل المنظمة، واعتبرت قبولها فلسطين كدولة عضو عام 2011 "إشكالياً". سيصبح الانسحاب نافذاً في ديسمبر/كانون الأول 2026، ورحبت إسرائيل بالقرار. يظل القاسم المشترك وراء استهداف هذه المؤسسات (الأونروا، المحكمة الجنائية الدولية، اليونسكو) والشخصيات (ألبانيز) والدول (جنوب أفريقيا) هو مواقفها الداعمة للحقوق الفلسطينية أو المناهضة للسياسات الإسرائيلية في غزة، مما يشير إلى أن الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل هو المحرك الأساسي لهذه السياسة العدائية تجاه المنظومة الدولية.

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP